شركة “إكسون موبيل” النفطية .. شاهدة الصفقات الأمريكية في اليمن
يمنات
أعاد اختيار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، السياسي ورجل الأعمال، ريكس تليرسون، لوزراة الخارجية، الحديث عن شركة “إكسون موبيل”، التي كان الأخير رئيسها التنفيذي ورئيس مجلس إدارتها، إلى الواجهة.
ووافق تليرسون، عقب ترشيحه للوزارة، على بيع أكثر من 600 ألف سهم، هي حصته من الشركة، لكن “إكسون” رفضت إعطاءه المليوني سهم التي كان مقرراً أن يحصل عليها في العقد المقبل، وعوضاً عن ذلك ستباع الأسهم، وستوضع عوائدها المقدرة بـ180 مليون دولار في وديعة عمياء.
بدايات الشركة
يعود تاريخ شركة “إكسون موبيل” في مجال الصناعات الإستخراجية باليمن إلى العام 1981م، عندما فتح باب التنافس أمام الشركات النفطية العالمية للتنقيب عن النفط الخام في القطاع 18 (مأرب – الجوف)؛ حيث تقدمت للمناقصة 3 شركات، هي: “هنت”، “دورشتر غاز”، “أرابيان شايلد دفلوبمنت”، وتم إرساء المناقصة لصالح شركة “هنت” الأمريكية، بحسب تزكية لجنة الخبراء المكونة من 25 شخصاً، والتي اعتبرت الشركتين الأخيرتين أقل حجماً ورأس مال من “هنت”، علاوة على أنهما متخصصتان في مجال الغاز لا النفط.
وبناء على هذه التوصية، المشكوك في نزاهتها وحياديتها (بحسب التقرير الصادر عن مركز الدراسات والاعلام الإقتصادي، ومنظمة برلمانيون يمنيون ضد الفساد، العام 2014م)، تم إرساء المناقصة على شركة “هنت” الأمريكية التي عجزت لاحقاً عن توفير التمويل اللازم لتنفيذ بنود العقد.
ونتيجة لذلك، اضطرت الشركة لبيع 5.24 % من حصتها لـ4 شركات كورية هي: “هيواندي”، “بوكنج”، “شان”، “أن وبدكو”. وعلى إثر تعرض الشركة لأزمة مالية العام 1985م، اضطرت أيضاً لبيع 49 % من باقي حصتها لشركة “إكسون” الأمريكية، ليتبقى لها 75.37% من قيمة الإمتياز.
من هذا الباب، دلفت شركة “إكسون” الأمريكية إلى مجال التنقيب عن النفط في اليمن، عبر صفقة مع شركة “هنت” الأمريكية أيضاً، وهي الصفقة التي يصفها تقرير لجنة الخدمات المقدم إلى مجلس النواب اليمني العام 2007م، بـ”الصفقة المشبوهة”؛ حيث اتهم التقرير الشركة بدفع رشاوى لنافذين يمنيين في الحكومة لضمان إتمام الصفقة.
وبحسب التقرير، فقد خصصت الشركة مبلغ مليون دولار لهذا الغرض، علاوة على تخصيص نسبة 10% إلى 15% من قيمة العقود كرشاوى. وأوضح التقرير أنه تم دفع مبلغ مائة ألف دولار لكل عضو من أعضاء لجنة الخبراء المكلفة بإعداد التقارير الخاصة بأوضاع وعروض الشركات المنافسة.
من النفط إلى الغاز
وفي عام 1989م تقدمت شركة “إكسون” بطلب الإستثمار في مجال الإستكشافات النفطية والمعدنية في اليمن في قطاع جنة – شبوة بنسبة 22%، بالشراكة مع مجموعة شركات أخرى، هي “هنت” (22%)، الشركة اليمنية للاستثمارات النفطية (%50)، “كوفبيك” (50%)، “توتال” (22%)، “نيوكو” (22%)، عقب الإعلان عن تأسيس الشركة اليمنية للاستثمارات النفطية والمعدنية؛ حيث تم التوصل إلى إتفاقية مُشاركة في الإنتاج، وتم العمل في قطاع جنة رقم 5، الواقع في محافظة شبوة، والذي شهد تصدير أول شحنة من النفط الخام العام 1996م.
الغاز
وبعد نجاحها في مجال الإنتاج النفطي، تقدمت شركة “إكسون”، مطلع العام 1996م، بطلب الإستثمار في مجال استكشاف الغاز في اليمن، تحت مسمى شركة “إكسون يمن للغاز الطبيعي المسال المحدودة” بنسبة 511429% كشريك مع 3 شركات أخرى، هي شركة “توتال” الفرنسية بنسبة 36%، وشركة “هنت” اليمنية للغاز الطبيعي المسال المحدودة بنسبة 10671%، وشركة “يوكونغ” المحدودة 37900%.
وتطلب ذلك إجراء تعديل حكومي على اتفاقية تطوير الغاز الموقعة مع شركة “هنت” الأمريكية العام 1983م، والتي بموجبها حصل “هنت” على حقوق الإمتياز في مجال الغاز باليمن لمدة 20 عاماً، لكن الحكومة اليمنية ارتأت إجراء تعديل على الإتفاقية لاسيما بعد أحداث حرب صيف العام 1994م وتداعياتها، ناهيك عن وجود ملاحظات على أداء الشركة منذ توقيع العقد، لذا تم إدخال مجموعة شركات في الاتفاقية لتطوير إنتاج الغاز المسال في اليمن.
ريكس تيلرسون
تولى وزير الخارجية الأمريكي في إدارة دونالد ترامب الجديدة، ريكس تيلرسون، مسؤولية إدارة شركة “إكسون موبيل” في اليمن عام 1995. وفي 1996 كان تيلرسون في صنعاء للتفاوض مع الحكومة اليمنية بشأن إنشاء محطة لتصدير الغاز الطبيعي. ونشر موقع “بوليتيكو” جانباً من مواقف ريكس تيلرسون خلال تلك الفترة؛ حيث كشف الموقع عن تلقي تيلرسون اتصالاً هاتفياً من الحكومة اليمنية في الساعة الثالثة فجراً، يدعوه للقاء رئيس الوزراء اليمني فوراً.
وكان سبب الإتصال هو رغبة الحكومة اليمينة في عقد اتفاق جديد بشروط جديدة، إلا أن تيلرسون أصر على التمسك بالشروط الأولية، رافضاً أية محاولات لإعادة التفاوض.
وتذكر صحيفة “نيويورك تايمز”، من جهتها، أن تيلرسون، ومع إصرار صنعاء على إعادة التفاوض بشأن الصفقة، ألقى “كتاباً سميكاً” في الغرفة تعبيراً عن غضبه، وغادر الإجتماع فجأة وسط دهشة الحاضرين. وتشير الصحيفة إلى أن تيلرسون ربما قصد بذلك “إحداث أثر درامي والتأثير على المسؤولين اليمنيين”.
ويصف “بوليتيكو” هذا الموقف بـ”الاختبار الجاد لقدرات مرشح ترامب الدبلوماسية”، وأنه استطاع تنفيذ ما يريده دون الإنخراط في معارك غير ضرورية. ويرى الموقع الأميركي أن هذه القصة قد تساعد في تفسير اختيار الرئيس المنتخب تيلرسون، إذ يراه “الأصدقاء والأعداء” أفضل من ينجحون في عقد صفقات.
المصدر: العربي